الهيكل العظمي للإنسان

يعد التشريح من العلوم الأساسية المساعدة في دراسة الطب، وبخاصة الجراحة. وقد بدأت معرفة العلماء المسلمين في هذا العلم بعد اطلاعهم على إنجازات مَن سبقوهم من أطباء الإغريق كجالينوس وأبقراط ، مستفدين من تشريح الحيوانات ومن مشاهدة الهياكل العظمية في المقابر. وعلى الرغم من ذلك استطاع العلماء المسلمون التعامل مع التراث الإغريقي في التشريح على نحو نقدي، ذلك أنهم درسوا كتاباتهم بدقة، وفحصوها بوعي علمي، ثم أضافوا إليها.



 تشريح الجسم البشري تشريح الجسم البشري
ويعتقد بعض الدارسين أن العلماء المسلمين مارسوا التشريح البشري بصورة محدودة. وبخاصة تشريح قسم من أعضاء الجسم كالقلب والعين والكبد وعضلات الأمعاء ويستدلون على ذلك من كتاباتهم الدقيقة والصحيحة عن تشريح هذه الأعضاء، وكذلك من مخالفتهم لكثير من آراء الأطباء اليونانيين، ومنهم: الرازي ، و ابن النفيس الذي ناقش تشريح العظام والأربطة والقلب والرئة والعروق، وغيرها من مكونات الجسم. ويتضح أنه أفاد من جالينوس. ويذكر مؤرخو العلوم الغربيون أن ابن النفيس أوصى بدرس التشريح المقارن، لكي نلم بالاختلافات، وذلك لأنه اعتمد قبل كل شيء على استقراء الطبيعة وأسرارها بواسطة الملاحقة والدرس والتجربة، فرأى تباينا في تركيب أجسام الحيوانات المختلفة، ويعتبر كتاب شرح تشريح القانون لابن النفيس أول مؤلف خاص في هذا العلم استخلص فيه المؤلف أقوال ابن سينا في التشريح، مع ذكر النقاط التي خالفه وخالف جالينوس فيها. ومن أهم العلماء الآخرين: الرحبي وقد ناقش قواعد علم التشريح في كتابه: خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها .


الهيكل العظمي


الهيكل العظمي للإنسان

كان الأطباء العرب إلى نهاية القرن الثاني عشر يتكلمون عن تشريح الهيكل العظمي بناء على ما كتبه جالينوس حتى ظهور موفق الدين البغدادي أول من أرشد إلى مواطن الضعف في وصف جالينوس، ومن أهم القضايا التي خالف فيها جالينوس اكتشافه أن الفك الأسفل قطعة واحدة وليس قطعتين كما قال جالينوس. أكد ذلك البغدادي بعد أن فحص أكثر من ألفي جمجمة بشرية.

يتكون هيكل الانسان البالغ من أكثر من 200 عظمة . ويعمل الهيكل العظمي للانسان على دعم الجسم , ويحمي الاعضاء الداخلية . فالدماغ مثلا تقيه الجمجمة , والحبل الشوكي يقيه العمود الفقري وتحمي الضلوع القلب والرئتين .
,ويعمل الهيكل العظمي مع العضلات على تمكين الجسم من الحركة . فعظام المنكبين والذراعين تستخدم روافع تستطيع العضلات التي تحرك الذراع أن تشدهــا . والمكان الذي تتقابل فيه العظام يسمى المفصل . وهناك نوعان أساسيان من المفاصل :

1- مفاصل يمكن تحريكها بحرية , مثل مفاصل المرفق والركبة والمنكب , وتسمح بدرجات متفاوتة من الحركة . وعظام هذه المفاصل ممسوكة معا بواسطة حزم قوية مرنة من النسيج الضام تسمى ( الأربطة ) .

2- مفاصل لا يمكن تحريكها , أي لا تسمح بأي حركة للعظام . فعظام الجمجمة ما عدا الفك تتقابل في مفاصل ثابة .
ولا يقتصر عمل الهيكل العظمي على كونه بنية للجسم وجهازا من الروافع يساعد على تحريك الجسم فحسب , بل يحتوي النسيج العظمي على أنواع من الخلايا المتنوعة التي تؤدي دورا مهما في المحافظة على الدم بحالته الصحية .
فتنتج خلايــا ( النقي - النخاع ) - اللب الدهني اللين لكثير من العظام - خلايا الدم الجديدة وتطلقها في مجرى الدم . وينظم نوعان من خلايا العظم التكوين المعدني للدم , فينقل أحدهما الكالسيوم والفسفور ومعادن أخرى من الدم ويرسبها في العظم ( عملية بناء ) , بينما يذيب الآخر الرواسب المعدنية القديمة . ثم يطلق المعادن ثانية في مجرى الدم حسب الحاجة ( عملية هدم ) .
يتألف الهيكل العظمي في الإنسان من (208) عظمات تزن في مجملها ما بين 7و9 كيلوغرامات. وللهيكل العظمي Skeleton أجزاء رئيسية ثلاثة هي: الرأس والجذع والأطراف. يؤلف الرأس والجذع ما يدعى الهيكل العظمي المحوري، لأنه يؤلف محور الجسم وأجزاؤه هي العمود الفقري والقفص الصدري والقحف (الجمجمة).. بينما تؤلف الأطراف اللواحق أو الهيكل العظمي الإضافي الذي يتألف من الطرفين العلويين والطرفين السفليين وهذه الأطراف ترتبط بهيكل الجذع بأقسام تدعى الأحزمة: الحزام الكتفي الذي يربط الطرفين العلويين بهيكل الجذع. والحزام الحوضي الذي يربط الطرفين السفليين بهذا الهيكل.
           العمود الفقري:-
        العمود الفقري محو هيكل الجسم وقوامه.. وهو يتألف من 33-34 عظمة هي الفقرات
Vertebra وهي تتكون على شكل سلسلة. إحداها فوق الأخرى، وتربط بينها المفاصل بين الفقار. وتقسم الفقرات بحسب مواقعها في الجسم إلى : سبع فقرات رقبية، واثنتي عشرة فقرة صدرية (أو ظهرية)، وخمس فقرات قطنية وخمس عجزية ثم أربع أو خمس فقرات عصعصية.
        ويتراوح طول العمود الفقري
Vertebral Column في الإنسان ما بين 73-75 سنتيمتراً وهو يختلف بالطبع من إنسان لآخر تبعاً لاختلاف طول القامة.
        والعمود الفقري ليس مستقيماً إذ تلاحظ فيه أربعة انحناءات: اثنتان تحدبهما إلى الأمام (واحد في المنطقة الرقبية وآخر في المنطقة القطنية) واثنان تحدبهما إلى الوراء ( واحد في المنطقة الصدرية وآخر في المنطقة العجزية) وهذه الانحناءات مما اختص الله سبحانه وتعالى به الإنسان وهي تضمن له أن يقف منتصباً.
        ويضطلع العمود الفقري بوظائف عديدة.. فهو قبل كل شيء يحوي النخاع الشوكي ويحميه.. والنخاع كما نعلم جزء من الجهاز العصبي المركزي. ويؤلف العمود الفقري البنية المحورية الظهرية للجذع. ثم أنه فوق ذلك يحمل الرأس ويؤلف مرتكزاً للأضلاع فيشكل معها القفص الصدري، ويشارك في الأسفل في تشكيل الحوض
Pelvis حيث يتمفصل قسمة العجزي مع عظمي الحرقفة.
          القفص الصدري:-
        الهيكل العظمي للصدر يشبه القفص ولذا يطلق عليه إسم القفص الصدري
Thoracic Cage وهو يتألف من العمود الفقاري في الوراء ومن الأضلاع في الجانبين، ومن الغضاريف الضلعية وعظام القص في الأمام.
        والأضلاع
Ribs عظام مسطحة منحنية عددها اثنتا عشرة ضلعاً من كل جانب، وهي تتمفصل في الخلف مع الفقرات الصدرية من العمود الفقري. أما في الأمام فإن اتصالها بعظم القص يكون بواسطة مادة غضروفية تماثل الأضلاع في شكلها وأبعادها وتعرف بالغضاريف الضلعية.
        وللقفص الصدري بصورة عامة شكل أسطواني
مخروطي. ذروته متجهة للأعلى.. أما قاعدته فمغلقة بالحجاب Diaphragm وبذلك يؤلف القفص الصدري جوفاً واسعاً يحتوي على أحشاء كبيرة الشأن كالقلب والرئتين. وتمر من خلال فتحته العلوية الأعضاء النازلة من الرأس والعنق إلى الصدر والأعضاء الصاعدة من الصدر إلى العنق والرأس. وتسمح المفاصل الضلعية الفقرية. والضلعية القصبية. بمرونة بالغة تسمح بحركة القفص الصدري حركة جيدة وذلك أمر مهم جداً في عملية التنفس.

إرسال تعليق

0 تعليقات